التعادل أمام الفراعنة يعيد الخضر إلى أرض الواقع

المنتخب الجزائري
Share on facebook
شارك
Share on email
بريد
Share on print
طباعة

انتهى الداربي العربي و الإفريقي  الودي الذي جمع بين المنتخب الجزائري و نظيره المصري بملعب هزاع بن زايد بالإمارات العربية المتحدة على وقع التعادل الايجابي بهدف لمثله، في مواجهة وصفها الكثيرون بأنها أشبه بالنهائي بالنظر للقوة و الشد النفسي و التدخلات القوية التي سادت طيلة أطوار المباراة، إلا أنه و في كل الأحوال لم يظهر أشبال الناخب الوطني جمال بلماضي بالمستوى و الوجه المتوقع منهم، بعد أن كان الجميع متفائلين و مستبشرين بعودة محاربي الصحراء لسابق عهدهم و لقوتهم على التي كانوا عليها منذ تتويجهم بكان 2019 بالعاصمة المصرية القاهرة.

وزادت الآمال و الطموحات و الثقة في كتيبة بلماضي اثر إسقاط أفضل منتخب على مستوى القارة السمراء في عقر داره بالعاصمة داكار قبل شهر واحد فقط من الآن و هو المنتخب السنغالي، ثم الانتصار الخميس المنصرم على جزر الرأس الأخضر بخماسية مع الرأفة بملعب الشهيد حملاوي بقسنطينة.

ولهذا كان سقف الطموحات كبيرا للغاية، لكن الحقيقة جاءت مغايرة تماما، فرفقاء القائد رياض محرز ظهروا بوجه شاحب للغاية و لم يتمكنوا من تأكيد ما أقاموا به سابقا، بل على العكس تفوق الفراعنة في معظم فترات اللقاء، وكانوا قادرين على حسم النتيجة لصالحهم لولا تضييعهم لفرص خطيرة بسبب نقص التركيز و التسرع تارة، أو لتألق حارس الخضر ماندريا تارة أخرى.

الفراعنة تفوقوا رغم النقص العددي

النقص العددي الذي لعب به المنتخب المصري بعد طرد اللاعب محمد هاني بسبب تدخل عنيف على أحمد توبة جعل الكثيرين يظنون بأن النتيجة سيحسمها أشبال بلماضي، فكتيبة المدرب البرتغالي للفراعنة وجدت نفسها مضطرة للعب بـ10 لاعبين لما يقارب 70 دقيقة.

لكن وخلافا لذلك ازداد المنتخب المصري شراسة في اللعب، واعتمد على إغلاق المنافذ تماما باتجاه حارس المرمى الشناوي، والأدهى و الأمر بأن الشعور العام خلال اللقاء هو أن منتخبنا الوطني هو الذي كان يعاني من نقص عددي و ليس العكس.

فحالة شلل كبيرة تملكت زملاء أمين غويري، وكانوا غير قادرين تماما على الوصول لمنطقة الـ18 و تهديد مرمى المصريين، وفي المقابل اعتمد الخصم على سرعة لاعبه محمد صلاح و نجمه الأول، وكادوا أن يسجلوا في 3 إلى 4 محاولات على الأقل، فيما اكتفى لاعبو الخضر بنسبة استحواذ سلبية على الكرة بلغت 60 بالمائة لكن دون أي خطورة تذكر.

بلماضي تفلسف أكثر من اللازم

الفلسفة الزائد للناخب الوطني جمال بلماضي كانت أحد الأسباب المهمة في مواصلة سلسلة الانتصارات حتى لو تعلق الأمر بلقاء ودي فقط، فالتشكيلة التي دخل بها الناخب الوطني افتقدت للكثير من التوازن، وسهلت على الفراعنة التهام وسط الميدان تماما، ما قطع خطوط الإمداد و إيصال الكرة نحو المهاجمين، مما يفسر شح الفرص المتاحة أمام محاربي الصحراء.

وكان الكل يتوقع أن يتواجد اسم حسام عوار كأساسي في التشكيلة لكن بلماضي كان له رأي آخر ظهر مع مجريات اللعب بأنه خاطئ تماما، فإقحام فارس شايبي إلى جانب فيغولي و زروقي أفقد خط الوسط الكثير من مرونته و قدرته على الضغط نخو الأمام و إرباك دفاعات الخصوم.

وكان الأجدر بالناخب الوطني أن يوظف عوار صاحب النزعة الهجومية كخيار أول في خط الوسط حتى يشكل حلقة الربط بين الخطوط، وهو الذي أدى مباراة كبيرة أمام جزر الرأس الأخضر و سجل هدفين من الخماسية، ليجد نفسه في ظرف 4 أيام على مقاعد البدلاء.

أما الاسم الثاني الذي غاب عن بداية المباراة فهو المهاجم السريع و المتألق عمورة، فهذا اللاعب في تطور رهيب و صال و جال أمام منتخب الكاب فاردي إلا أن هذا لم يشفع له ليدخل كبديل في الشوط الثاني شأنه شأن زميله عوار، مما أثار العديد من علامات الاستفهام حول الطريقة التي يفكر بها بلماضي عند إعداده التشكيلة، فهو زج  بالوافد الجديد أمين غويري في مركز رأس حربة و هو الذي لا يجيد فيه بما أنه مهاجم رواق أيسر أو مهاجم ثاني خلف رأس الحربة.

لذا وجد هداف رين الفرنسي نفسه معزولا تماما بما أن الكرة لا تصل إليه، واعتمد الناخب الوطني على مهاجم ويست هام الانجليزي سعيد بن رحمة و هو يعلم جيدا أيضا بأن هذا اللاعب و رغم حصوله على فرص كثيرة بيد أنه لم يقنع و لا في واحدة منها، وكان الأجدر به إفساح الفرصة لعمورة بما أنه في جاهزية أفضل و بحالة معنوية أعلى.

علامات استفهام حول بعض الخيارات

أخطاء تقديرية كارثية وقع فيها الناخب الوطني أمام منتخب مصر، فعلى الرغم من امتلاكه لاعبا منصبه الأصلي ظهير أيسر و هو الوافد الجديد ياسر لعروسي لكنه لم يقم بتوظيفه منذ البداية، مفضلا تحويل أحمد توبة الذي يلعب كمدافع محوري لهذه الجهة، مما أصاب المنتخب بنوع من القصور الهجومي على الجهة اليسرى.

وعند دخول لعروسي في الشوط الثاني، وتقديمه دفعا قويا لجهته سواءا هجوميا بمشاركته في التوغلات و الاعتماد على سرعته و قوته البدنية، أو دفاعيا بما أنه أخفى تماما النجم المصري مباشرة بعد دخوله، ولم يعد نجم ليفربول الانجليزي قادرا على التحرك، ليشعر بلماضي حينها بأنه وقع في خطأ كبير بعدم استعانته منذ البداية بلاعب شيفيلد يونايتد الانجليزي.

الخضر ظهروا خلال الدقائق الأخيرة فقط

منتخبنا الوطني لم نشاهده يلعب إلا مع اللحظات الأخيرة من المباراة، وبعد بعض التغييرات و دخول لاعبين في صورة عوار، لعروسي، عمورة و إسلام سليماني استطاع محاربو الصحراء أن يفككوا التكتل الدفاعي للمصريين الذين عاشوا لحظات عصيبة للغاية خاصة بعد أن تمكن الهداف التاريخي للخضر إسلام سليماني من ادارك التعادل برأسية جميلة كان الأجمل منها توزيعة يوسف عطال الذي قدم مباراة كبيرة و أعلن عن عودته القوية.

وحينها فقط رأينا الوجه الحقيقي لكتيبة المحاربين التي لم تعرف طريق الفوز على منتخب لعب معظم أطوار الداربي العربي بعشرة لاعبين، وأنقذ سليماني منتخبنا الوطني من هزيمة محققة و حفظ ماء الوجه رغم تعاسة الأداء.

إلا أن سليماني و رغم عقليته التي ينتقدها البعض أو تصريحاته المثيرة للجدل لكنه يقدم دائما أفضل ما لديه فوق أرضية الميدان و هو ما يجعله رقما مهما للغاية في حسابات بلماضي رغم بلوغه سن الـ35.

بعض اللاعبين كانوا نقطة الضوء الوحيدة

ومن النقاط الايجابية في كومة السلبيات هو أن رامي بن سبيعيني قدم مباراة ممتازة في محور الدفاع رغم أنه ليس مركزه الأصلي، وحرم المصريين من هدف محقق بعد مراوغة المهاجم تريزيغيه للحارس ماندريا و إرسال الكرة نحو الشباك إلا أن نجم بوريسيا دورتموند الألماني بن سبعيني أخرج كرة هدف محقق، دون أن ننسى تقديم الحارس أنطوني ماندريا ما هو مطلوب منه، وتصدى للعديد من الهجمات الخطيرة التي كانت لصالح الفراعنة و في لحظات صعبة و حرجة من عمر المباراة.

عمل كبير ينتظر الخضر قبل الكان

وفي كل الأحوال فان التعادل أمام المنتخب المصري سيعيد لا محالة لاعبي الخضر الى أرض الواقع، ونفس الأمر بالنسبة للمدرب جمال بلماضي الذي وقف على العيوب الكثيرة التي تحيط به و بطريقه لعبه المنتهجة، وبخياراته غير الموفقة في بعض الأحيان.

ولهذا فان الفترة المقبلة ستكون عبارة عن ورشة عمل لتصليح الأخطاء و تقوية مختلف الخطوط، خاصة و أن موعد خوض منافسات نهائيات كأس أمم إفريقيا 2024 بساحل العاج لم يعد يفصلنا عنها سوى 3 أشهر و التي ستكون كافية لاستخلاص الدروس و العبر.

عماد.ب