كانت ليلة الخميس صعبة على المنتخب الوطني الأول لكرة القدم الذي وجد صعوبة كبيرة في تجاوز عقبة ضيفه النيجر بهدفين لواحد في لقاءات الجولة الثالثة من عمر التصفيات المؤهلة لنهائيات كأس أمم إفريقيا 2024 بكوت ديفوار.
إذ و بعد عناء طويل استطاع أشبال المدرب جمال بلماضي تحقيق للأهم، وكسب النقاط الثلاثة التي وضعتهم في الصدارة و بفارق مريح، حيث يواصل الخضر مشوارهم في هذه التصفيات دون أي خطأ بـ3 انتصارات من أصل ثلاثة.
والجميل في هذه المواجهة التي لعبت وقائعها بملعب نيلسون مانديلا ببراقي بالعاصمة في شهرة رمضانية هو أن الانتصار جاء ببصمة واضحة من الجيل الجديد المعول عليه أن يصنع مجدا آخر لكرة القدم الجزائرية و يعيد محاربي الصحراء لتسيد القارة السمراء مجددا، كما أن بعض العائدين لصفوف المنتخب أكدوا قيمتهم و أحقيتهم في التواجد ضمن الحسابات خلال الفترة المقبلة.
شوط أول للنسيان
وبالعودة إلى مجريات المباراة، فان الشوط الأول لم يسر وفقا لما كان متوقعا، وعلى الرغم من سيطرة الخضر على مجريات اللعب إلا أن ذلك كان بطريقة عقيمة للغاية، ولم تلح فرص خطيرة تهدد مرمى أشبال المدرب الفرنسي جون ميشال كافالي.
هذا الأخير انتهج طريقة لعب تعتمد على التكتل في الخلف، وإغلاق المنافذ خاصة على مستوى العمق و الأطراف، ونجح في ذلك بشكل كبير للغاية، إذ أجبر كتيبة بلماضي على تناقل الكرات بشكل عرضي ما تسبب في ضياع العديد من الكرات في خط الوسط و منح فرص للاعبي “مينا” بالانطلاق في هجمات مرتدة خطيرة يقودها المهاجم السريع “سوساح” الذي تمكن من انطلاقة في العمق من تسجيل هدف جميل للغاية مستغلا خطأ في المراقبة و ثقلا في الملاحقة من طرف المدافع المحوري عيسى ماندي ليرفع كرة فوق الحارس ماندريا الذي كان بعيدا عن مرماه، وكاد منتخب النيجر أن يضيف الثاني بعدها بدقائق فقط عن طريق سوساح دائما لكن كرته لحسن جانبت القائم الأيمن بقليل.
شوط ثاني مغاير تماما
وكان الفريق الوطني بحاجة لانتفاضة كبيرة على مستوى طريقة اللعب و كذا الهجوم من أجل قلب الطاولة على أشبال المدرب جون ميشال كافالي، وهو ما حدث فعلا من خلال التغييرات التي أحدثها المدرب بلماضي بإقحام بعض اللاعبين الذين منحوا التوازن للمنتخب.
ففي الشوط الثاني بدأت تظهر المساحات و الاختالالات وسط دفاع المنافس، ليسجل مدافع النيجر ضد مرماه هدف التعادل مجبرا بضغط من المهاجم البديل بغداد بونجاح الذي حل مكان زميله أندي ديلور، ثم تواصلت المحاولات الهجومية الخطيرة على مرمى مينا.
إلى أن جاء الفرج مع الدقائق الأخيرة بأقدام قائد الخضر و نجم مانشستر سيتي رياض محرز حين سجل هدفا جميلا من جملة تكتيكية رائعة بدأت بالبديل و الوافد الجديد فارس شعيبي الذي أرسل كرة ساقطة اتجاه الجوهرة الصغيرة القادمة من نيس و الوافد الجديد أيضا بدر الدين بوعناني.
هذا الأخير مرر بطريقة جميلة إلى مثله الأعلى في كرة القدم محرز الذي لا يرحم أمام المرمى ليودع الكرة داخل الشباك، ومقربا محاربي الصحراء من بلوغ كان ساحل العاج.
بعض اللاعبين أحرقوا أوراقهم
وظهرت العديد من الإختلالات و الصعوبات في الشوط الأول، وهذا بسبب سوء أداء بعض اللاعبين الذين حصلوا على فرص كثيرة مع المنتخب الوطني على مدار سنوات إلا أنهم لم يحسنوا استغلالها بالشكل الكافي، وكانوا عبئا حقيقيا على التشكيلة الوطنية و بخروجهم في الشوط الثاني تحسن الأداء على كل المستويات.
وهذا ما يؤكد بأن ورقتهم أضحت محروقة لدى الناخب الوطني، وقد يجدون أنفسهم كأقل تقدير على مقاعد البدلاء أو خارج الحسابات تماما حتى و إن كانوا متألقين مع أنديتهم الأوروبية، لكن المقياس هو مردودهم في المنتخب و خير دليل ما يحدث من نجم ويست هام الانجليزي بن رحمة الذي لم يستدع لهذه المواجهة رغم من يصنعه في البريمرليغ.
ديلور و بوداوي كانا سيئين للغاية
ومن بين اللاعبين الذين ظهروا بوجه سيئ للغاية هو متوسط الميدان هشام بوداوي، فخريج أكاديمية بارادو لم يترجم تألقه و اعتباره أحد أفضل لاعبي خط الوسط في الدوري الفرنسي هذا الموسم إلى المنتخب الوطني، إذ لم يقدم على مدار شوط كامل أي شيء يمكن الإشادة به، وظهر تائها فوق أرضية الميدان.
وهو نفس الأداء تقريبا الذي يظهر به في كل مرة الخضر، ونفس الشيء لمهاجم نانت الفرنسي أندي ديلور، هذا الأخير كان مختفيا تماما في الـ45 دقيقة الأولى، ولم يصنع أو يهدد مرمى منتخب النيجر و لو في مناسبة واحدة، ما اضطر الناخب الوطني إلى استبدالهما مباشرة بعد بداية المرحلة الثانية.
مردود بلايلي تحسن في الشوط الثاني
وكان أداء يوسف بلايلي في الشوط الأول بعيدا عن الطموحات، وعلى ما يبدو فان آثار الإصابة التي كان يشكو منها قد أثرت على طريقة لعبه و تحركاته، خاصة في ظل المستوى الهزيل للخضر في النصف الأول للقاء، لكن ابن مدينة وهران و مع تغييرات الناخب الوطني وجد معالمه في الشوط الثاني، وصار أكثر خطورة من ناحية التوغل و إيصال الكرات لبقية الزملاء، وبالفعل كان وراء التمريرة الحاسمة ناحية صديقه بغداد بونجاح التي جاء منها الهدف الأول ليغادر بعدها المواجهة و قد صحح قليلا من الأداء المخيب الذي ظهر به في البداية.
آيت نوري المفاجأة السارة
ويعتبر آيت نوري هو الوافد الجديد الوحيد الذي دخل كأساسي في مباراة النيجر، حيث فضل بلماضي الاعتماد على الأسماء المتعود عليها في اللقاءات الماضية من أجل عدم التأثير على طريقة اللعب و التوازن، ولم يخيب الظهير الأيسر لنادي وولفرهامبتون ثقة مدربه و أظهر مستوى لابأس به طيلة أطوار اللقاء.
إذ كان أخطر عنصر من ناحية السرعة و الاختراقات و المريرات العرضية سواءا الأرضية أو الهوائية، وحتى دفاعيا ظهر بمردود جيد للغاية رغم التخوفات التي أحاطت به من هذه الناحية قبل بداية المباراة، وانبهر المتابعون من سرعة تـأقلم آيت نوري مع طريقة لعب الخضر و كأنه يلعب مهم منذ سنوات طويلة، ليؤكد فقط من لقاء واحد فقط بأنه مكسب كبير، وإضافة ستشعل نار التنافس مع لاعب بوريسيا مونشنغلادباخ الألماني رامي بن سبعيني.
شعيبي و بوعناني جعلا النيجر يعاني
وصنع الثنائي فارس شعيبي و بدر الدين بوعناني فرحة الجمهور الجزائري بالمستوى المميز الذي ظهرا به بعيدا مستوى المنافس، فرغم دخولهما كبديلين إلا أنهما تركا بصمة واضحة عجز عنها حتى من أقحموا كأساسيين، فشعيبي من خلال 20 دقيقة أعطى انطباعا بأنه لاعب واعد سيقول كلمته، وهدد مرمى الخصم في مناسبتين.
بالإضافة إلى مساهمته في الهدف الثاني بتمريرة ساقطة إلى بوعناني، هذا الأخير و على الرغم من صغر سنه و هو 18 سنة لكنه أبان عن شخصية قوية للغاية، ولمسات للاعب كبير، وما تمريرته الجميلة للقائد رياض محرز سوى دليل على موهبة جوهرة نيس.
بونجاح عاد من الباب الكبير
عقب فترة عصيبة مر بها ابن مدينة وهران و مهاجم السد القطري بغداد بونجاح، والانتقادات التي طالته و أبعدته عن المنتخب الوطني لأكثر من سنة، إلا أن بغداد أسكت كل المشككين في قدراته، وأكد مجددا بأنه رقم صعب في المعادلة.
واستغل تعويضه لسليماني المصاب في قائمة الـ25 بأفضل طريقة ممكنة، فبونجاح و بعد حلول بديلا لأندي ديلور في الشوط الثاني قلب كل الموازين، وأزعج لاعب النيجر بتحركاته و تحرشاته الهجومية، ودخوله في الالتحامات و الفوز بها، مع تمويهاته و تمريراته البينية التي شكلت خطورة على مرمى منتخب النيجر.
وصنع فرصا للتهديف لم يصل إليها من سبقوه، وهذا ما جعله حتى محل إشادة من طرف الناخب الوطني جمال بلماضي خلال الندوة الصحفية التي أعقبت المواجهة.
عماد.ب