بقلب مفتوح وكلمات مباشرة تجاوزت كل “الخطوط الحمراء”، أخرج جمال حيمودي “بطاقة حمراء” في وجه زميله محمد بيشاري، وأخرج الرجل، في حوار حصري عبر تقنية “الواتساب” خص به “الخبر”، أمس، الصراع الخفي في سلك التحكيم من الظلام إلى النور.. للقول بأن لجنة التحكيم ليست مستشفى حتى يكون فيها الطبيب أفضل من الممرض، حيث حرص الحكم الدولي السابق على التأكيد دون لف أو دوران بأنه أحق برئاسة لجنة التحكيم من الحكم الدولي محمد بيشاري، وحجته.. وضع السيرة الذاتية لكل واحد منهما على الميزان، ليصل حيمودي إلى قناعة مفادها رضوخ شرف الدين لصحفي وبعض المقربين منه ليقوم بتغيير قراره من حيمودي إلى بيشاري.
نشرت على صفحتك جملة تحمِل تساؤلا مثيرا للجدل وهو “هل حيمودي جمال جزائري أم لا؟”.. ماذا تقصد من وراء ذلك؟
ما أقصده واضح، فقد وُلدنا في الجزائر وترعرعنا بها وكبرنا فيها، والجزائر التي ربّتني منحتني الكثير، وبفضلها بلغت مستوى عال في مجال التحكيم، ومن واجبي أو من حقي أيضا أن أعيد للجزائر قليلا من “خيرها” وفضلها عليّ، وتوقعت، منطقيا، أن يحدث ذلك، بعد تجربة كبيرة كحكم دولي، من باب مرافقة التحكيم الجزائري كمسيّر على مستوى لجنة التحكيم، لكن للأسف وجدت نفسي، مرة أخرى، مهمّشا، ما دفعني للتساؤل على صفحتي على “فايسبوك” إن كان حيمودي جمال جزائريا أم لا، حتى أفهم سبب الإقصاء.
هل تقصد أن شرف الدين رئيس الاتحادية أقصاك بتعيين بيشاري..؟
لا يمكنني أن أجزم، وأريد أن أكون صريحا معكم ومع الرأي العام، فعدم وجود عدة أسماء، ليس حيمودي فقط، تملك الكفاءة والتجربة والقدرة على خدمة التحكيم، يثير الاستغراب، كما أن بعض الأخبار التي راجت بقوة وبلغتني من مصادر موثوق بها أن اسم جمال حيمودي كان مطروحا بقوة لتولي منصب رئيس لجنة التحكيم إلى جانب رشيد مجيبة، وتغيّر قرار رئيس الاتحادية واختار بيشاري في آخر المطاف، وهذا أمر غير طبيعي.
غير طبيعي..؟
طبعا غير طبيعي، ففي كل بلدان العالم هناك مقاييس يتم الاعتماد عليها في الاختيار، منها اختيار الكفاءات لمناصب المسؤولية، ومَن يكون له حق تمثيل بلاده هو الأكثر كفاءة، وحين نتحدث عن لجنة التحكيم، من المنطق أن يكون في الواجهة أكثر الحكام خبرة وأكثرهم إدارة لمباريات المستوى العالي خلال مشواره، وما يبدو لي أن الأمور معكوسة في الجزائر.. لا؟.. فسيرتي الذاتية تجعلني أحق برئاسة لجنة التحكيم في الجزائر.
حتى نكون أكثر وضوحا، عدم وجودك على رأس لجنة التحكيم أو وجود حكم دولي سابق آخر في المنصب، على الرغم من تجربتك الكبيرة كحكم دولي، هو الذي تصفه بـ “الأمور المعكوسة”؟
لكل مقام مقال، هكذا يقال دائما، والحقيقة الثابتة أن الجزائر تملك عديدا من الحكام الدوليين السابقين الذين يملكون الخبرة والكفاءة، لكنهم يعانون التهميش مثلما يعاني التهميش عدة كفاءات جزائرية خرج كرة القدم، وهو واقع وكأن مَن يتسبّب فيه يرفض منح الكفاءات الجزائرية حق رد جميل البلد عليها، واليوم وجدت نفسي من بين الضحايا.. ضمن قائمة الكفاءات المهمشة، لأضطر إلى جعل خبرتي تحت تصرف الحكام الفرنسيين وليس الجزائريين.
أنت تقيم بفرنسا، فهل لديك الاستعداد فعلا للعمل في الجزائر؟
هناك مَن روّج ويروّج دائما بأن جمال حيمودي لا يترك فرنسا للعمل في الجزائر، ومَن يقود هذه الحملة أشخاص يريدون تلطيخ سمعتي والإساءة إليّ، هم أناس لا تهمهم سوى مصلحتهم وليس مصلحة التحكيم الجزائري، وسلاحهم الأول لمحاربة الكفاءة يتمثل في نشر الإشاعات المغرضة عنهم، لأن الحقيقة بشأن جمال حيمودي غير التي يروّج لها هؤلاء، ولديّ ليس الاستعداد فقط، بل الرغبة في خدمة الحكام الجزائريين وتمكينهم من الاستفادة من خبرتي، بدل منح خبرتي للاتحاد الفرنسي والحكام الفرنسيين.
قلت من قبل إن اسمك كان بحوزة رئيس “الفاف” شرف الدين وبعدها “القرار تغيّر”.. كيف تم التغيير هذا ولماذا؟
لديّ معطيات أولية بناء على مصادر موثوق بها، وهي معطيات تؤكد بأن خيار عمارة شرف الدين استقر على شخصي، وكان من المقرر أن يعود المنصب لي وليس لشخص آخر، وأنا متأكد مائة بالمائة مما أقول، وما حدث أن بعض الأطراف المؤثرة أغلقت الباب وجعلت رئيس الاتحادية يغيّر قراره من جمال حيمودي إلى محمد بيشاري، ومن دفع شرف الدين لتغيير قراره بعض المقربين منه، بينهم صحفي معروف.
كلامك يحمل اعترافا على أن عمارة شرف الدين “يتم تسييره” من طرف محيطه؟
هذه قناعتي حتى وإن لم يكن بحوزتي اليوم أدلة ملموسة، لكن المعلومات التي بلغتني من مصادر مؤكدة تجعلني مقتنعا بما أقول.
تقصد أنك أحق بمنصب رئيس لجنة التحكيم من بيشاري، أليس كذلك؟
اختيار رئيس الاتحادية، مثلما قلت، كان يجب أن يخضع للمعايير وليس لشيء آخر، ثم إن السيرة الذاتية هي التي تبرز أحقية جمال حيمودي أو محمد بيشاري أو أي حكم آخر بالمنصب، وحين أتحدث عن السيرة الذاتية، أقصد بها مسيرة الحكام السابقين في مجال التحكيم وليس في مجالات أخرى غير كرة القدم.
جوابك غامضا، هل من توضيحات أكثر؟
بيشاري طبيب عام ونحن نتحدث عن التحكيم وليس عن المرضى.. يجب وضع الأمور في نصابها حتى لا نغلّط الرأي العام، فهناك فرق شاسع بين الحديث عن “المستوى العلمي” وبين “المستوى التحكيمي”، أو بعبارة أدق مسيرة الحكم في مجال كرة القدم، ما يحتاجه التحكيم الجزائري خبراء وليس دكاترة، ثم هناك معيار يتم الارتكاز عليه وهو النزاهة وهو يحمل معنى ليس في موضعه في كرة القدم، والمصطلح الصحيح، المستَعمَل في كرة القدم الفرنسية هو العدالة (القضاء) وليس النزاهة.
كل هذا لأن جمال حيمودي غير موجود..؟
أبدا، القضية لا أراها بهذا الطرح، إنما أنظر إلى محاربة الكفاءات وتفويت الفرصة على الجزائر للاستفادة من خبرة أبنائها، كما أن هناك عدة حكام سابقين قادرون على تقديم الإضافة وتم تهميشهم وهم غير متواجدين في قائمة محمد بيشاري، على غرار مرزاق حلالشي وشرشار وفداوي، وهذا دون الحديث عن دوليين سابقين وما أكثرهم، ممن يملكون الكفاءة لتولي منصب مدير فدرالي للتحكيم، وهو منصب تم الفصل فيه بسرعة البرق وبشكل غريب.. الاختيار يجب أن يفرضه معيار مَن هو الأفضل ومَن يملك القدرة على تقديم إضافة، هناك مَن لا يملك شجاعة اتخاذ القرارات.. ونجاح أي مسؤول مرهون بكفاءته وبشخصيته أيضا.
اسمك وأسماء حكام آخرين على غرار محمد زكريني، مطروحة للإشراف على لجان ثانوية تتعلق بالتكوين، هل هذا صحيح؟
عندما تكون على قناعة بمستواك وبما يمكنك تقديمه للتحكيم الجزائري، وتعرف حقيقة الأشخاص ونواياهم، لا يمكنك أن تقبل على نفسك تكوين حكم دون أن تكون لك سلطة إشراكه في المباريات.. ومثلما قلت في سؤالك هو مجرد “كلام”، أو أن اسمي تم طرحه، لكن لا يمكنني أن أقبل بذلك.
هل أخطأ بيشاري في اختيار أعضاء لجنة التحكيم؟
لقد اختار وهو مسؤول عن اختياره، وما أريد قوله أن هناك عدة حكام سابقين متابعين لآخر التطورات، لهم القدرة على المساهمة في خدمة التحكيم وتطويره، غير أنهم غير موجودين في القائمة، ثم إن اختيار محمد بيشاري نفسه خضع لتدخل بعض الأطراف المقربة من شرف الدين، منهم صحفي بارز مثلما سبق لي تأكيده، وقد كان اسم جمال حيمودي مطروحا واسم رشيد مجيبة أيضا بجانب اسم محمد بيشاري، وكان عمارة شرف الدين قد اختارني على ضوء سيرتي الذاتية، ثم تغيّر قراره خلال 48 ساعة التي سبقت الإعلان عن اختيار رئيس الاتحادية لبيشاري.
نفهم بأنك أعددت مشروعا للتحكيم..
كانت لدي الرغبة فعلا ولديّ مشروع للتحكيم وليس برنامج عمل فقط، لقد تعلمت الكثير من تجربتي كحكم دولي سابق أدار عديدا من المباريات المهمة وشارك في عدة دورات كبيرة، وتولى إدارة نهائيات من أعلى مستوى وأدار أيضا أربع مباريات في مونديال البرازيل، منها مباراة ترتيبية، وتعلمت كثيرا من تجربتي كمكوّن للحكام بفرنسا، وكنت أتوقع مستقبلا واعدا للحكام الجزائريين وآفاقا أكبر، منها تبوأ مكانة أفضل، وضمان مثلا مشاركة أفضل حكامنا، على غرار مصطف غربال أو غيره، في مناسبتين في كأس العالم، وجعل مكوّني “الكاف” و”الفيفا” يضمنون بروز حكامنا؛ لأنني لست أنانيا وأحرص على تدعيم الحكام.. للأسف، هناك مَن يقف في وجه الكفاءات الجزائرية ويمنح الأولوية لاعتبارات أخرى.
يعني أن هناك مَن تراه أنانيا اليوم..؟
الأنانية في التحكيم كانت موجودة، ولا يزال هناك عدة أنانيين اليوم.
لكن محمد بيشاري ليس فاقدا للكفاءة والخبرة..؟
لو كنا في مستشفى لرفعت القبعة لبيشاري، فهو طبيب وأنا ممرض، بمعنى أنه أعلى مستوى مني في مجال العمل الذي يجمعنا. أما عندما ألتقي مع بيشاري في مجال التحكيم، فأنا أفضل منه وعليه أن يرفع لي القبعة، والسيرة الذاتية لكل واحد منا كفيلة بالفصل بيننا.
في حوار بيشاري اليوم (أمس) في جريدة “ليبرتي”، تحاشى الخوض في سؤال طُرح عليه ويتعلق بجمال حيمودي، ما تعليقك؟
هي عادة محمد بيشاري، فكلما يصل عند جمال حيمودي يتراجع إلى الوراء.. لست أدري لماذا يهرب دائما من الأسئلة التي يرِد فيها اسم حيمودي، فالجواب عنده، وفي النهاية فاقد الشيء لا يُعطيه..
هل لديك مشكلة مع بيشاري؟
لا مشكلة لدي معه، ربما هو لديه مشكلة معي..
وما السبب برأيك؟
ربما هي غِيرة.. لست أدري.
نقلا عن موقع الخبر