في أعقاب فوز المنتخب الوطني الجزائري على نظيره البوتسواني بنتيجة 3-1، خرج المدرب فلاديمير بيتكوفيتش بتصريحات صريحة خلال الندوة الصحفية، حملت رسائل فنية ونفسية للاعبين والجمهور، وكشفت عن رؤية المدرب لمستقبل الفريق الوطني في ظل التحديات القادمة.
فعلى الرغم من الفوز المحقق لم تكن ندوة بيتكوفيتش الصحفية احتفالية بقدر ما كانت مراجعة صريحة ومكاشفة فنية ونفسية. المدرب الوطني لم يكتف بالنتيجة، بل استخدمها كمنصة لتوجيه رسائل حادة للاعبين، الإعلام، والجمهور، حول ما ينتظر المنتخب من تحديات تتجاوز مجرد النقاط الثلاث.
وفرة الخيارات أم غياب الرؤية؟
عندما سُئل عن غياب مازة وحاج موسى، أجاب بيتكوفيتش ” هناك 6 أو 7 لاعبين في نفس المركز، لذلك هم خارج القائمة.”
لكن خلف هذا التصريح، يطفو سؤال أعمق: هل هذه الوفرة تعني توازنًا تكتيكيًا أم ارتباكًا في تحديد الهوية الفنية؟ وهل يتم اختيار اللاعبين بناءً على الجاهزية الذهنية أم فقط على التمركز داخل الملعب؟
القيادة داخل الملعب: أزمة غير معلنة
المدرب شدد على أهمية الشخصية القيادية داخل الملعب، قائلاً: “في اللحظات الصعبة نحتاج إلى لاعبين قادرين على أخذ زمام الأمور.”
وهو ما يعكس حاجة المنتخب إلى عناصر تتحمل المسؤولية وتوجه المجموعة في الأوقات الحرجة، خاصة في المباريات المصيرية وهي ميزة لا تُقاس بالأرقام بل بالحضور الذهني والروحي.
بوتسوانا… الخصم الذي كشف العيوب
رغم الفارق الفني، وصف بيتكوفيتش المباراة بأنها “حياة أو موت” بالنسبة لبوتسوانا، وهو اعتراف ضمني بأن المنافس أجبر الجزائر على الخروج من منطقة الراحة. هذا النوع من المباريات يكشف هشاشة بعض التوقعات المسبقة، ويضع المنتخب أمام حقيقة أن كل خصم قادر على إحراج الكبار إذا غابت الجدية.
اللياقة والانضباط: مفاتيح مفقودة
المدرب لم يُخف قلقه من الأداء البدني، قائلاً: علينا أن نكون أكثر انضباطًا. يجب أن تكون هناك مسؤولية شخصية أكبر. وإذا ارتفع مستوى اللياقة، أنا متأكد أن الأمور ستسير بشكل أفضل.” هنا لا يتحدث بيتكوفيتش عن مجرد تدريبات، بل عن ثقافة احترافية يجب أن تتغلغل في عقلية اللاعب الجزائري، حيث يصبح الانضباط جزءًا من الهوية وليس مجرد تعليمات مؤقتة.
الواقعية بدل الأحلام: “بلل القميص”
في أكثر تصريحاته رمزية، قال بيتكوفيتش: “في خيالنا نظن أننا سنفوز بجميع المباريات، لكن يجب أن نبلل القميص.” عبارة تختزل فلسفة المدرب: لا مكان للغرور، ولا للانتصارات المجانية الفوز الحقيقي يُصنع بالعرق، بالجهد، وبالوعي بأن كل مباراة هي معركة يجب خوضها بشرف.
هل نحن أمام تحول في الخطاب الفني؟
تصريحات بيتكوفيتش لا تعكس فقط تقييمًا لمباراة، بل تحمل نَفَسًا إصلاحيًا في الخطاب الفني للمنتخب الوطني. هو مدرب لا يكتفي بالنتائج، بل يسعى لترسيخ عقلية تنافسية صارمة، قائمة على الانضباط، القيادة، والجهد الجماعي. وبين سطور حديثه، تظهر دعوة لإعادة تقييم بعض الخيارات الفنية، وتحفيز اللاعبين على تجاوز حدودهم البدنية والنفسية.
في زمن أصبحت فيه الجماهير تطالب بالأداء قبل النتيجة، يبدو أن بيتكوفيتش بدأ يزرع بذور التغيير… فهل يملك الوقت والدعم الكافي لحصادها؟