المنتخب الوطني يودّع كــأس العــرب… إخفاق يعيد فتح ملف الخيـارات الفنــية لبــوقرة

d_0b8959cfcd89115ae2b1976f1e814f86
90دقيقة

90دقيقة

قاعة التحرير لموقع 90دقيقة
Share on facebook
شارك
Share on email
بريد
Share on print
طباعة

أنهى المنتخب الوطني مشاركته في كأس العرب على وقع خيبة ثقيلة، بعدما غادر المنافسة من بوابة ركلات الترجيح أمام منتخب الإمارات بنتيجة (7-6)، في مباراة اتّسمت بكثير من التوتر وقليل من الإبداع. ورغم أن عناصر المنتخب نجحت في خطف هدف التقدم مطلع الشوط الثاني، ثم صمدت في وجه عودة المنافس، إلا أن مردود الفريق العام لم يكن كافيًا لتأكيد مكانة الجزائر التي تحمل لقب النسخة الماضية، ولا لإخفاء الارتباك التكتيكي الذي لازم خيارات المدرب مجيد بوقرة منذ البداية وحتى لحظة السقوط الأخير.

كشف خروج المنتخب الوطني من ربع نهائي كأس العرب، عقب خسارته أمام الإمارات بركلات الترجيح، عن سلسلة من الاختلالات العميقة التي طبعت أداء الفريق منذ المباراة الأولى. لم يكن الإقصاء نتيجة لحظة عابرة أو سوء توفيق، بل ثمرة مشروع فني غير مكتمل، وقرارات تكتيكية لم تُحسن قراءة مجريات المباريات ولا متطلبات المنافسة.

أولى الإشكاليات تمثلت في غياب المشروع الفني الواضح. فالمنتخب لم يقدم هوية لعب مستقرة يمكن الاعتماد عليها في صناعة التفوق. لم يظهر الأداء قائمًا على الاستحواذ المنظم، ولا على التحول السريع نحو الهجوم، ما جعل الفريق يبدو بلا شخصية واضحة داخل الميدان. وعندما كان الضغط يرتفع في اللحظات الحاسمة، بدت خطوط المنتخب مفصولة، فيما غاب النسق الذي يتيح التحكم في مجريات اللقاء.

الإشكال الثاني برز بوضوح خلال مواجهة الإمارات، حيث تكررت نفس الثغرات التي ظهرت في المباريات السابقة دون ان يرك بوقرة ساكنًا، عانى المنتخب من اتساع المساحات بين الدفاع والوسط، ومن بطء في استرجاع الكرة، ومن ضعف كبير في بناء الهجمات من الخلف. ورغم أن هدف التقدم كان يمكن أن يقلب معادلة المباراة لصالح الجزائر، إلا أن قراءة بوقرة للتطورات لم تُظهر أي محاولة حقيقية لتغيير الخطة أو تعديل التمركزات بما يضمن السيطرة على الإيقاع.

اللحظة الأكثر انتقادًا خلال المباراة كانت التبديلات التي لم تأتِ في الوقت المناسب، ولم تضف أي قيمة تذكر للمنظومة. فقد جاءت تغييرات المدرب متأخرة، ما جعل اللاعبين الجدد يدخلون المباراة دون قدرة على التأثير. كما مثّلت بعض الخيارات تناقضًا واضحًا مع ما كان يحتاجه الفريق في تلك اللحظات، سواء على مستوى تعزيز الوسط أو خلق حلول هجومية إضافية. بدلاً من أن تكون التبديلات وسيلة لإعادة الحيوية، تحولت إلى نقطة أربكت توازن الفريق.

الفشل في إدارة اللحظات الحاسمة كان واضحًا أيضًا. فبعد هدف التقدم لم ينجح المنتخب في تثبيت موقعه داخل الملعب، ولم يُظهر ردة فعل قوية تحفظ التفوق، بل ترك المجال أمام الإمارات لاستغلال المساحات وتعديل النتيجة. وفي الأشواط الإضافية، بدا الفريق منهكًا ذهنيًا وبدنيًا، دون أي خطة واضحة لخطف المباراة قبل الوصول إلى ركلات الترجيح.

كما ألقى الضغط المرتبط بحمل لقب النسخة الماضية بظلاله على أداء اللاعبين والجهاز الفني. فقد بدت الكتيبة الوطنية بعيدة عن لعب دور حامل اللقب، وافتقدت الشخصية القوية التي تتطلبها مثل هذه المنافسات. هذا التباين بين إرث الماضي وواقع اليوم كشف عن فجوة كبيرة في الإعداد الذهني والفني.

أما من الناحية الهجومية، فظل المنتخب محدودًا طوال أطوار البطولة. فرص قليلة، وتحولات بطيئة، وغياب لاعب قادر على صناعة الفارق في الثلث الأخير، كلها عوامل جعلت الفريق يدخل ركلات الترجيح دون التفوق المعنوي الذي يحتاجه في مثل هذه اللحظات.

وفي النهاية، لم يكن الخروج من ربع النهائي مفاجأة بقدر ما كان نتيجة طبيعية لمسار فني اهتز منذ البداية، إن الإقصاء يطرح بإلحاح ضرورة مراجعة شاملة للخيارات التكتيكية والمنهج العام للعمل، والانتقال نحو رؤية أكثر وضوحًا وقدرة على بناء فريق يملك الهوية والشخصية والمشروع، ليكون في مستوى تطلعات الجماهير الجزائرية.