مرت كرة القدم الجزائرية في السنوات الأخيرة بالعديد من الانجازات رغم ما يقال عن مستواها هنا و هناك، خاصة على الصعيد المحلي، وتعطي بعض الأرقام و الإحصائيات خلال السنوات الأربعة الأخيرة بعض الدلالات و الطفرات التي تؤكد في كل مرة بأن نقص التكوين أو غيابه في أحيان كثيرة لم يمنع من مشاهدة الجزائر في مختلف المنافسات الإفريقية على مستوى المنتخبات تحديدا.
مع أن هذا لا يجب إطلاقا أن يحجب المشاكل العويصة و المستعصية التي تمر بها بطولتنا المحلية، وبشكل عام فان الكرة الجزائرية تمكنت من تحقيق 3 تتويجات في ظرف وجيز، ما يعتبره المحللون بمثابة الوجه المضيء و المشرق الذي يخفي وراءه مشهدا أكثر قتامة.
أول الغيث هو كان 2019
وكان كرة القدم الجزائرية تعيش على وقع حالة من الفوضى و اللا توازن قبل حلول سنة 2019، أين أصابت المنتخب الوطني الأول التخمة بوصوله لكأسين عالمتين الأولى سنة 2010 بجنوب إفريقيا و انتهت بخروجنا من الدور الأول تحت قيادة رابح سعدان.
والثانية سنة 2014 بالبرازيل و نجحنا حينها في المرور لأول مرة في تاريخنا الكروي إلى الدور ثمن النهائي و انهزامنا بثلاثية لواحد على يد بطل عالم تلك النسخة المنتخب الألماني بعد 120 دقيقة حامية الوطيس، ويحتسب الانجاز للمدرب البوسني وحيد حاليلوزيتش.
وبعدها عشنا مرحلة ضياع أدت لعدم بلوغنا مونديال روسيا 2018، وعندما كان يظن الجميع بأننا على موعد مع سنوات عجاف أخرى.
فاجأنا بلماضي جمال بانجاز غير مسبوق، وهو العودة بكأس أمم إفريقيا من العاصمة المصرية القاهرة، وهي النجمة الإفريقية الثانية لنا منذ لقب 1990 في الجزائر، والأول خارج الوطن، وما زادها بهاءا هو أن 5 لاعبين محليين كانوا ضمن التشكيلة الأساسية، وأدوا دوره ظلت عالقة في الأذهان.
وكنا بعدها على موعد مع طفرة كروية استمرت لعدة سنوات بـ35 مواجهة على التوالي دون هزيمة، والتي توقفت في كان الكاميرون 2022 بالخروج من الدور الأول.
وبعدها بشهرين أقصينا في المباراة الفاصلة أيضا من المرور لمونديال قطر على يد الأسود غير المروضة الكامرونية.
2021 أول لقب عربي
وتواصلت الصحوة الكروية الجزائرية بعد كان مصر 2019، إذ بعدها بحوالي سنتين حصدت الجزائر لقبها الثاني على مستوى المنتخبات في ظرف 4 سنوات، وهو التتويج بكأس العرب 2021 بالعاصمة القطرية الدوحة، على حساب الجارة الشرقية تونس، في نهائي مثير للغاية على ملعب “البيت” أحد أجمل التحف و الملاعب في المونديال الأخير، وجاء التتويج من صناعة و توقيع المدرب مجيد بوقرة الذي يعتبر أحد تلاميذ الناخب الوطني جمال بلماضي، فبعد ظهورها المشرف إفريقيا، استمرت الجزائر في إبهار كل المتتبعين حتى على الصعيد العربي.
منتخب أقل من 17 سنة سار على نفس النهج
وكان تأثير لقب الكان و كأس العرب كبيرا على الفئات الشبانية للمنتخبات الوطنية، وفتح شهيتها لصنع الانجازات أيضا، ففي 2022 احتضنت الجزائر و تحديدا مدينة سيق بطولة كأس العرب لأقل من 17 سنة، وكان فيها التتويج جزائريا بامتياز و هذه المرة على حساب الجارة الغربية المغرب، ليحقق أشبال المدرب رمان ثالث ألقاب الخضر في ظرف وجيز للغاية، وهم الآن بصدد التحضير لكأس أمم إفريقيا لهذه الفئة التي ستحتضنها الجزائر بداية من 29 أفريل بكل من ولايات الجزائر العاصمة، قسنطينة و عنابة، والهدف هو التتويج باللقب أو التأهل لنصف النهائي على الأقل لبلوغ مونديال “البيرو”.
خسارة نهائيين فقط
في المقابل و كمجموع خاصة المنتخبات الوطنية 5 نهائيات في ظرف 4 سنوات، توجت بثلاثة منها و خسرت نهائيين فقط، الأول متعلق بكأس العرب لأقل من 20 سنة، والثاني كأس أمم إفريقيا الأخيرة التي أقيمت بالجزائر و ذهب لقبها لأسود التيرانغا السنغالية، ولهذا فان الكثيرين يتساءلون عما إن كانت هذه الانجازات هي الشجرة التي تغطي الغابة، أم أن قوة المواهب في الجزائر بغض النظر عن المنظومة الكروية الفاسدة و غياب التكوين هي من صنعت الفارق.
الجزائر من بين 4 أفضل بلدان إفريقيا و عربيا
وفي آخر 4 سنوات تصنف الجزائر على أنها من بين أفضل 4 بلدان عربية و افريقية في كرة القدم من خلال التتويجات على مستوى المنتخبات إلى جانب كل من السنغال، المغرب، المملكة العربية السعودية، وبدرجة أقل مصر، إذ يحدث ذلك في ظل عدم وجود أي استقرار على مستوى الاتحادية تحديدا، والتي استهلكت خلال فترة السنوات الأربعة الماضية 3 رؤساء للفاف، والبداية بخير الدين زطشي، مرورا بشرف الدين عمارة، ووصولا حاليا لجهيد زفيزف.