مهندس ملحمة خيخون في ذمة الله

محيي الدين خالف
Share on facebook
شارك
Share on email
بريد
Share on print
طباعة

توفي المدرب القدير، محيي الدين خالف، صبيحة اليوم الثلاثاء، بمنزله بالعاصمة، عن عمر ناهز الواحد و الثمانين عاما.

الفقيد من مواليد 17 جانفي 1944، بالمغرب، وينحدر من منطقة بني يني بولاية تيزي وزو، علاقته بالكرة بدأت مع نادي القنيطرة المغربي، قبل أن يعود إلى الجزائر سنة 1967، لينضم إلى فريق شبيبة القبائل كلاعب، ساهم في نهضة هذا الفريق وصعوده إلى الدرجة الأولى سنة 1969، ثم كمدرب بداية مع الروماني بوبيسكو سنة 1973.

قبل أن يشكل بداية من سنة 1976 مع البولوني ستيفان زيفوتكو، الثنائي الأشهر في تدريب “الكناري” والكرة الجزائرية بشكل عام، ويصنع مجد فريق “الجامبوجات” الذي حصد كل الألقاب الممكنة المحلية والقارية إلى غاية رحيله من الفريق نحو الإمارات سنة 1990.

الفقيد خاض تجارب  تدريب مختلفة كإشرافه على نادي العين الإماراتي ونادي اتحاد طنجة ومولودية وجدة المغربيين، والنجم الساحلي التونسي. كما سجل عودة مميزة لشبيبة القبائل سنة 2000، حيث قاد الشبيبة مرة أخرى إلى المجد الإفريقي عبر تتويجه مع المدرب ناصر سنجاق بكأس الاتحاد الإفريقي لكرة القدم “كاف” 2000.

وعلى غرار شبيبة القبائل، ارتبط اسم محيي الدين خالف بالمنتخب الوطني الذي دربه في ثلاث مناسبات، الأولى في الفترة ما بين 1979 و1980 حيث قاد “الخضر” إلى نصف نهائي الألعاب المتوسطية والتأهل إلى نهائيات أولمبياد 1980 بالمغرب، بعد الإطاحة بالمغرب ذهابا (1-5) وإيابا بالجزائر (3-0).

ليعود غداة تأهل الخضر إلى مونديال إسبانيا إلى جانب مخلوفي، إذ حقق المنتخب أحد أكبر إنجازاته في خيخون بالفوز على منتخب ألمانيا، ليخوض تجربة ثالثة وأخيرة سنة 1984، حيث أحرز المنتخب تحت قيادته المركز الثالث في نهائيات كأس الأمم الإفريقية 1984 بكوت ديفوار.

حقائق عن فقيد الكرة الجزائرية محيي الدين خالف

تنحدر عائلة خالف من ضواحي بني يني بمنطقة القبائل، واشتغل أفرادها في التجارة ونقل المسافرين، والده وعمه استقرا في مدينة القنيطرة بالمغرب، خلال الفترة الاستعمارية، سنوات قبل أن يولد محيي الدين (سنة 1944) ومن قبله ابن عمه المجاهد، عبد الله خالف، المدعو قاصدي مرباح (سنة 1938)

عائلة خالف عائلة ثورية ووطنية بامتياز، شقيق الفقيد الأكبر، هو عبد القادر خالف، والذي تولى بعد أن أدى واجبه الثوري، إدارة الديوان الوطني للسياحة، ويعتبر أيضا الرئيس التاريخي والأب الروحي لفريق شبيبة القبائل، ترأس الفريق في الفترة ما بين 1972 و1978، وهو الذي وضع الأسس الصحيحة للفريق الأكثر تتويجا في الجزائر، بفضل تفانيه وأيضا احترافيته في التسيير، والذي توفي في مارس 1981، وهو لم يتجاوز 42 سنة.

بالإضافة إلى كونه لاعب كرة قدم مميز في منصب لاعب وسط ميدان، كان محيي الدين خالف بارعا في كرة اليد، صباحا كان يمارس هذه الرياضة مع نادي القنيطرة، ومساء كان يتدرب مع ذات الفريق، لكن في كرة القدم هذه المرة.

بعد أن ساهم في صعود شبيبة القبائل إلى القسم الأول سنة 1969، غادر محيي الدين خالف، الفريق بعد خلافات داخلية، لينضم إلى نادي نصر حسين داي، الذي لعب له موسما واحدا، قبل أن يعود إلى بيته في شبيبة القبائل، النصرية تبقى الفريق الوحيد الذي حمل ألوانه بعيدا عن الشبيبة، ولو أنه كان قريبا أيضا من اللعب لاتحاد العاصمة في تلك الفترة.

اعتزل محيي الدين خالف الميادين كلاعب بشكل مبكر، وقرر أن يتحول إلى التدريب، بعد أن طلب منه شقيقه، المرحوم عبد القادر خالف، رئيس الفريق آنذاك، خوض التجربة، بعد إقالة المدرب عبد الرحمان بوبكر لسوء النتائج، الفقيد رفع التحدي وأنقذ الفريق من السقوط، قبل أن يعمل، خلال المواسم الأربعة الموالية، كمساعد للمدربين الرومانيين بوبيسكو ومونجو.

في أول تجربة له كمدرب رئيسي بكامل الصلاحيات، حقق محيي الدين خالف ثنائية البطولة وكأس الجزائر للموسم الكروي 1976-1977، والتي كانت البداية لمسيرة حافلة إلى جانب رفيق دربه، البولوني ستيفان زيفوتكو، ضمت 8 ألقاب بطولة، 2 كأسين للجمهورية، وكأس إفريقيا للأندية البطلة 1981، قبل أن يترك المشعل لقائده علي فرڤاني سنة 1990.

عُرف عن الفقيد صرامته وانضباطه الكبير، ولم يتردد في الكثير من المرات في التضحية بأسماء كبيرة في الفريق لأجل ذلك، ولعل أبرز مثال على ذلك، ما فعله مع الحارس مهدي سرباح، الذي أبعده عشية المباراة النهائية لكأس الجزائر 1977، لأسباب انضباطية وما فعله في المنتخب مع الثنائي قريشي ومجادي عشية مونديال اسبانيا 1982.

عُرف عن الفقيد أيضا، قدرته الكبيرة على اكتشاف المواهب الكروية الشابة، وقد وفق على امتداد سنوات تدريبه للشبيبة في ضم لاعبين مغمورين، تحولوا إلى نجوم في البطولة الجزائرية، في صورة دوادي الذي استقدمه من شلغوم العيد، ورحموني الذي اكتشفه في فريق اتحاد الصحة، وصايب من شبيبة تيارت، وجحنيط من فريق مليانة.

تعرضت مسيرة الفقيد في تدريب المنتخب الوطني الأول للطعن والتشكيك، من طرف بعض اللاعبين السابقين، مثل جمال تلمساني، وبشكل خاص علي بن شيخ، بدعوى أنه فضل لاعبين آخرين مقربين له، خلال مونديال إسبانيا 1982 (في صورة فرڤاني ولارباس)، مع العلم أن خالف كان يعتمد على بن شيخ خلال الفترة الأولى التي أشرف فيها على المنتخب (1979-1980)، وكان أعاده للمنتخب عشية نهائيات كأس إفريقيا 1982 بليبيا، واختاره في القائمة النهائية لمونديال إسبانيا، رغم أن “عليلو” لم يشارك إطلاقا في المباريات التصفوية المؤهلة.

عانى محيي الدين خالف، خلال السنوات الأخيرة، من العزلة والمرض (مرض الزهايمر)، وبعد أن باع الفيلا التي كان يملكها بضواحي الأبيار، اختار الإقامة وحيدا بشقته الصغيرة الموجودة بحي شعباني. وقد حاولت إدارة شبيبة القبائل تكريمه في الفترة الماضية، لكن ذلك لم يكن ممكنا بسبب تدهور حالته الصحية.