أثار الهولندي روبن فان بيرسي، مدرب فينورد روتردام، جدلًا واسعًا بتصريحات صادمة طالت نجمه الجزائري أنيس حاج موسى، بعد تألق الأخير في مواجهة باناثينايكوس اليوناني ضمن منافسات الجولة الثالثة من الدوري الأوروبي (يوروبا ليغ).
ورغم الهدف الرائع الذي وقّعه ابن الجزائر بطريقة ساحرة أعادت إلى الأذهان لمسات رياض محرز الفنية، فإن مدربه لم يتردّد في التشكيك في استمرارية عطائه، ووجّه له نقدًا لاذعًا اعتبره كثيرون «قسوة تربوية» في حق لاعب يعيش مرحلة تألق لافتة.
هدف عالمي لا يشفع لنقد المدرب
شارك حاج موسى، البالغ من العمر 23 عامًا، أساسيًا في المباراة، وكان أحد أبرز عناصر فوز فينورد بأربعة أهداف مقابل هدفين، ليُنعش الفريق الهولندي حظوظه في المنافسة القارية بعد هزيمتين متتاليتين أمام سبورتينغ براغا البرتغالي وأستون فيلا الإنجليزي.
وجاء هدف الجناح الجزائري الخامس هذا الموسم في لقطة فنية مميزة: تسلم الكرة من الجهة اليمنى، تلاعب بمدافع باناثينايكوس بمهارة، قبل أن يطلق تسديدة يسارية صاروخية استقرت في قلب المرمى — في مشهدٍ بات «توقيعًا خاصًا» له على طريقة محرز.
فان بيرسي ينتقد… ويُثني في الوقت ذاته
لكن تصريحات فان بيرسي بعد المباراة جاءت مفاجئة في لهجتها، إذ قال في حديث نقله موقع فينورد 12: “لقد لعب بشكل سيئ، وكان أداؤه مترهلًا للغاية، لكنه سجل هدفًا رائعًا. هذا هو التحدي بالنسبة للمدرب: هل تُبقيه في التشكيلة أم تستبعده؟”
وأضاف النجم الهولندي السابق: “أنيس يملك دائمًا القدرة على صناعة لحظات سحرية من العدم، لكن أداءه الإجمالي لم يكن مقنعًا، وقد أخبرته بذلك. ومع ذلك، فهو يحرز تقدمًا جيدًا من حيث النضج والفاعلية.”
فان بيرسي، الذي خبر خبايا الموهبة والإبداع خلال مسيرته اللامعة مع أرسنال ومانشستر يونايتد، بدا وكأنه يخوض مع لاعبه معركة تطوير ذهني قبل أن تكون فنية، فقال مازحًا: “في بعض الأحيان يُصيبك بالجنون بأسلوبه الفردي. أقول له دائمًا: افعل الشيء المنطقي فقط، فالهدف سيأتي من تلقاء نفسه.”
“لاعب سيرك” أم فنان لا يُقدّر حق قدره؟
الانقسام حول حاج موسى في هولندا ليس جديدًا؛ فبين من يرى فيه لاعبًا مبدعًا يضفي لمسة من الخيال على الدوري الهولندي، هناك من يصفه بـ“لاعب السيرك” الذي يقدّم استعراضًا أكثر منه أداءً جماعيًا منضبطًا. ورغم هذه الانتقادات، يواصل الجناح الجزائري فرض نفسه بالأرقام والعروض، غير أن وضعيته داخل منتخب الجزائر لا تزال رمادية، إذ يكتفي بدور البديل خلف القائد رياض محرز، رغم المطالب الجماهيرية المتزايدة بمنحه فرصة حقيقية للانفجار تحت القميص الوطني.
بين نقد فان بيرسي وطموح “الخضر”
يبقى التحدي الأكبر أمام أنيس حاج موسى هو التوفيق بين إبداعه الفردي ومتطلبات اللعب الجماعي، ليبرهن أن ما يعتبره البعض “استعراضًا” هو في الحقيقة فنٌ يُروّض بالانضباط، وأن الموهبة الجزائرية قادرة على الإبهار حين تُمنح الثقة وتُحسن استثمارها.

