أنهى ترجي مستغانم موسمه الكروي 2024-2025 بشق الأنفس بعد صراع مرير وطويل من أجل ضمان البقاء في الرابطة المحترفة الأولى . موسم كان مليئًا بالتقلبات، والنتائج السلبية والحسابات المعقدة التي رافقت الفريق من جولة إلى أخرى حتى بات البقاء رهين الأنفاس الأخيرة من الجولة الأخيرة.
هذا السيناريو المقلق لم يكن وليد الصدفة بل نتيجة تراكمات عدة وقد عاش أنصار الترجي على وقع التشويق المستمر، بين من يتمسك بخيط الأمل وآخر يلوّح بشبح السقوط، في موسم ستبقى ذكراه حاضرة في الأذهان، ليس للاحتفال بل للاعتبار وفي خضم هذه المعاناة، وجب الوقوف وقفة تقييم حقيقية وشجاعة من طرف كل الفاعلين في الفريق، بدءًا من الإدارة، مرورًا بالجهاز الفني واللاعبين، وصولًا إلى المحيط العام للفريق ، وقلة الاستقرار الفني، ونقص الموارد، كلها عوامل ساهمت في وضعية الفريق الحرجة.
النجاة من السقوط جرس إنذار لما هو قادم
إن النجاة من السقوط يجب ألا تُفهم على أنها نجاح بل هي بمثابة جرس إنذار لما هو قادم. والمرحلة القادمة تتطلب إعدادا جادا ومسؤولًا، يبدأ بالتشخيص الدقيق لما حدث وتحديد مواطن الخلل و وعدم الوقوع في اخطاء الموسم الماضي الذي عرف عدم الإستقرار في الجهاز الفني الذي تعاقب على الفريق ثلاثة مدرببن بداية بشريف حجار مرورا بسليمان رحو و صولا إلى نذير لكناوي رفقة طواقهم الغنية من مدرب مساعد و محضر البدني و مدرب حراس المرمى و بالتالي ضمان الإستقرار هو اختيار طاقم فني متكامل قادر على إعداد الفريق بدنيا وتكتيكيا منذ بداية التحضيرات.
كما ان تحسين الوضعية المالية عبر تعبئة الموارد سواء من السلطات المحلية او المطالبة بشركة وطنية أو عبر رعاة خواص لتوفير شروط العمل المثالي بالإعتماد على مشروع رياضي طويل المدى يدمج بين اللاعبين من عنصر الخبرة والعناصر الشابة مع استثمار فعلي في الفئات الشبانية كما هو الحال هذا الموسم بمنح المدرب لكناوي الثقة في الثلاثي حمزة لعيرش و سليمان عبد الإله من الأواسط و رافعي عبد الله من الرديف .
الموسم القادمة يجب ان يكون مختلفا
يجب أن يكون الموسم المقبل مختلفًا فقد أثبتت التجربة أن التراخي في بداية الموسم وعدم التحضير الجيد يؤديان حتمًا إلى سيناريوهات كارثية يصعب التحكم في نتائجها لاحقًا ومن مبدأ ترجي مستغانم فريق له تاريخه وجمهوره يستحق أن يكون في موقع أفضل والفرصة اليوم سانحة لوضع خارطة طريق جديدة تنقذ الفريق من دوامة التذبذب، وتؤسس لمرحلة افضل لنسيان متاعب ودوامة الموسم المنقضي
محطات ضياع النقاط التي كادت أن تعصف بالترجي
في موسم اتسم بالتقلبات والضغوط، لم يكن ترجي مستغانم بحاجة إلى خصوم خارج الديار فقط ليفقد توازنه، بل إن النزيف الحقيقي للنقاط جاء من ملعبه، وأمام جماهيره، حيث أهدر الفريق ما مجموعه 21 نقطة كاملة داخل قواعده وهو رقم ثقيل بكل المقاييس لفريق يصارع من أجل البقاء هذا الرصيد الذي ضيعه الفريق من 3 هزائم و 6 تعادلات سواء في مرحلة الذهاب أو الإياب، بدا الترجي عاجزًا عن فرض الهيبة والنجاعة داخل ملعبه، ما جعل النقاط تنزف واحدة تلو الأخرى كاد أن يدفع ثمنها الفريق الذي إنتظر إلى أخر جولة بتحديد مصيره
21 نقطة كاملة أهدرها الترجي داخل قواعد
كانت الفرق التي خطفت النقاط الثلاث كاملة من مستغانم فرق عاصمية و هي إتحاد العاصمة ، شباب بلوزداد و أتلتيك بارادو لتشكّل هزائمها جراحًا كبيرا في موسم الترجي خاصة أن بعضها جاء في لحظات حساسة كان الفريق في أمس الحاجة للنقاطه.
كما أن التعادل وإن كان أفضل من الخسارة، إلا أنه في سياق موسم الترجي كان مرادفًا للخيبة ست مباريات كان بإمكان الفريق فيها تحقيق الفوز، لكنه اكتفى بنقطة واحدة فقط أمام كل من شبيبة الساورة ، مولودية الجزائر ، شباب قسنطينة ، أولمبيك أقبو ، مولودية البيض و شبيبة القبائل هذه اللقاءات كانت محطات ضياع لم تقتصر على النتيجة فقط، بل أثّرت على معنويات الفريق وأدخلته في دوامة الشك خصوصًا مع تقارب الترتيب واحتدام الصراع في مؤخرة جدول الترتيب.
لو نظرنا إلى سلم الترتيب في نهايته، نجد أن الفارق بين البقاء والسقوط كان على مرمى نقطة أو اثنتين. ولو تمكن الترجي من استغلال جزء بسيط من تلك النقاط المهدورة على ملعبه، لتبدّل وضعه بشكل مريح، ولتجنّب سيناريو التشويق حتى اللحظة الأخيرة.
دروس لابد من استيعابها جيدا
هذه الأرقام الصادمة تفرض على إدارة النادي، والجهاز الفني المقبل، التوقف مطولًا عند سبب فقدان النقاط داخل الديار فالفريق الذي لا يؤمن ملعبه لا يمكنه بناء موسم ناجح. يجب التحضير للموسم المقبل بعقلية الانتصار في كل مباراة داخل القواعد لأن جمهور الترجي لا يستحق إلا الانتصارات على أرضه، بعد موسم كان مليئًا بخيبات الأمل
عوجان جوهرة بأداء ثابت ومردود لافت
في موسم مليء بالتحديات والاضطرابات داخل نادي ترجي مستغانم، برز اسم واحد بثباته، وبأدائه المتوازن، بل وبإبداعه المتواصل ليتحول من مجرد لاعب ضمن المجموعة إلى نقطة الضوء الوحيدة في النفق الطويل اللاعب الذي يمكن القول دون مبالغة إنه كان افضل عنصر في الفريق طيلة الموسم رغم التعثرات التي شهدها الفريق في مختلف المحطات.
كان عوجان يقدم أداءً مستقرًا ومليئًا بالعطاء والالتزام لاعب يمتلك من الذكاء التكتيكي و الإنضباط و الجسم امام المرمى ما يجعله نموذجًا يُحتذى به داخل أرضية الميدان كما أنه الموسم كأفضل هدف في الفريق كما أنه هداف لم يلعب كمهاجم رغم أنه لا يشغل مركز قلب الهجوم الصريح هذا الإنجاز يُظهر مدى حسّه التهديفي وقدرته على استغلال الفرص إلى جانب تحركاته الذكية داخل مناطق الخصم وتمركزه المثالي في اللحظات الحاسمة بعيدًا عن الأرقام.
ترك عوجان بصمته في كل مباراة تقريبًا، سواء بتمريرة حاسمة، أو هدف منقذ، أو حتى بروحه القتالية التي بعثت الحماس في زملائه والجماهير على حد سواء هو اللاعب الذي لا يختفي في الأوقات الصعبة بل يبرز كلما اشتد الضغط وهو ما جعل الأنصار يعلقون عليه آمالًا كبيرة ويصنفونه كأحد رموز الفريق في هذا الموسم
ضرورة الحفاظ عليه و عدم التفريط فيه
في ظل ما قدّمه، فإن اللاعب شكيب عوجان اصبح مطلبا ضمن صفوف الترجي الموسم المقبل. خاصة في مرحلة يسعى فيها الفريق لبناء مشروع رياضي أكثر استقرارًا وطموحًا.وإذا كانت الأندية الأخرى تكون قد بدأت في التحرك من أجل ضم اللاعب فإن الأولوية الآن لإدارة الترجي هي الجلوس مع اللاعب وتقديم عرض يليق بمقامه وضمان إستمراريته قبل الدخول في دوامة العروض الخارجية والضغوط المالية فهل تحسن الإدارة الإستثمار في بقاءه .