اكتفى الخضر بتعادل سلبي أمام ضيفهم التنزاني بملعب 19 ماي 1956 بعنابة و هذا في آخر مباراة في التصفيات المؤهلة لنهائيات كأس أمم إفريقيا 2024 بساحل العاج، وهو ما سمح لكتيبة المدرب تنزانيا الجزائري عادل عمروش بالتأهل كثاني المجموعة بفضل النقطة المحصلة من أمام رفقاء رياض محرز، في حين وصل رصيد محاربي الصحراء إلى 16 نقطة.
وهو أول تعادل لهم في مشوار التصفيات الحالية، وبهذا ضيع لاعبو الخضر فرصة تحقيق تأهل بالعلامة كاملة في انجاز غير مسبوق، وكان الفريق الضيف ندا قوية لكتيبة المدرب جمال بلماضي، وتمكنوا من تحقيق هدفهم من هذا السفرية، في حين ترك التعادل الكثير من علامات الاستفهام و الحيرة و نحن على بعد حوالي 4 أشهر من بداية كان ساحل العاج 2024.
فالأداء بشكل عام لم يرتق للمستوى المطلوب، وظهر الخضر بوجه مقلق للغاية، ولم نلمس وجود أي تطور على مستوى الأداء الجماعي تحديدا رغم تواجد عناصر بإمكانيات فنية معتبرة، إلا أن ذلك لم يدفع يتجسد على الأداء و طريقة اللعب، فالعجز كان واضحا خاصة فيما يتعلق بالجانب الهجومي رغم وجود عدة فرص سانحة للتهديف، بيد أن الأداء كان بعيدا عن مستوى التطلعات.
غياب الحافز النفسي قد يكون أحد أسباب هذا الأداء غير المقنع من طرف أشبال بلماضي بما أنهم ضمنوا تأهلهم مبكرا، إلا أن ذلك لا يمكن إطلاقا أن يكون عذرا لهذا الأداء الهزيل و غير المقنع تماما، فالخطوط كانت متباعدة عن بعضها البعض، وغاب السلاسة في انتقال الكرة من الخطوط الخلفية إلى الأمام.
وهو ما يعني بأن الخضر سيكونون أمام صعوبات أكبر عندما ملاقاة منتخبات من العيار الثقيل في القارة السمراء، والتي تمتلك لاعبين من مستوى عالي، فالأفكار كانت غائبة تماما، وحتى المدر لم يفلح في إيجاد الحلول اللازمة خاصة في الشوط الثاني، أين لم تأت تغييراته بالجديد لا على صعيد الأداء و لا حتى النتيجة.
جمال بلماضي دخل المباراة بتشكيلة مغايرة تماما لما تعودنا عليه، ومنح الفرصة لأكبر قدر من اللاعبين الجدد الذين التحقوا بالنخبة الوطنية ما بين تربصي شهري مارس و جوان الماضيين، مع توظيف أسماء من الحرس القديم، وفي البداية وجد اللاعبون صعوبة في إيجاد معالمهم فوق أرضية الميدان و هو أم منطقي إلى حد بعيد في ظل غياب الانسجام بينهم.
ورغم تحسن الأداء تدريجيا خاصة خلال العشرين دقيقة الأخيرة لكن الخضر ظهروا عاجزين عن فرض أسلوب لعبهم أمام خصم متوسط المستوى إن لم نقل أقل من ذلك، وحين لجأ بلماضي لإقحام لاعبيه الأساسيين في صورة القائد رياض محرز، سعيد بن رحمة، رامز زروقي و محمد الأمين عمورة فان ذلك لم يغير من واقع الحال شيئا.
بل الأدهى و الأمر هو أن أداء النخبة الوطنية صار أسوأ من قبل، وتفككت الخطوط أكثر، فيما اعتمدت البدائل على الجانب الفردي أكثر، وهو ما يطرح العديد من علامات الاستفهام حول جاهزية الخضر للاستحقاق القاري القادم.
إصرار الناخب الوطني جمال بلماضي على توظيف بعض اللاعبين بات مبعثا للانتقادات، فهناك عدة أسماء حصلت على الفرص كاملة و لم تتمكن من تقديم أي شيء يذكر، فمتوسط الميدان آدم زرقان ظهر بوجه سيء للغاية و هو الذي اعتمد عليه الناخب الوطني في عدة مناسبات و لم يقنع، كما أن زروقي الذي حصل على فرصة الظهور في الشوط الثاني لم يقدم أي شيء يستحق الثناء عليه، بل على العكس زاد من معاناة خط الوسط.
ونفس الأمر ينطبق على المهاجم سعيد بن رحمة، فبغض النظر عن ما يقدمه رفقة ناديه الانجليزي ويست هام إلا أن هذا الأخير لم يقدم و لا مباراة كبيرة رغم تعدد الفرص التي أتيحت له، دون أن ننسى المستوى المتواضع لعدة لاعبين آخرين في مباراة تنزانيا على غرار القائد محرز حيث عليه عدم الحضور الذهني في المباراة و هو الذي عقد قرانه قبل 48 ساعة فقط عن موعد المواجهة.
وفي كومة النقاط السلبية التي حرجنا بها من لقاء تنزانيا ليس بسبب التعادل المخيب فقط، وإنما بالنظر إلى المردود الجماعي للاعبين، فان هناك بعض النقاط المضيئة وسط كل هذا التشاؤم، وفي مقدمتها الوجه المميز الذي ظهر به الظهير الأيسر و لاعب ولفرهامبتون الانجليزي ريان آيت نوري، حيث كان من بين أفضل العناصر فوق أرضية الميدان خاصة على مستوى الشق الهجومي، وقدم الجوهرة الصغيرة و لاعب نيس الفرنسي بدر الدين بوعناني بعض اللمسات الجميلة التي تؤكد فعلا بأنه مكسب كبير للخضر.
وأظهر عبد القهار قادري أحقيته بالتواجد ضمن حسابات بلماضي في المباريات المقبلة، في حين تباين أداء فارس شايبي بين الجيد و المتوسط، إلا أنه أدى دوره في الإجمال، وبالنسبة لحيماد عبدلي فان أداء الشوط الأول كان مخيبا للغاية، في حين تحسن كثيرا مع بداية المرحلة الثانية قبل أن يقوم المدرب باستبداله.
وفي كل الأحوال فان الناخب الوطني جمال بلماضي مطالب بمراجعة الكثير من الأمور خاصة على مستوى الخيارات، وكذا إيجاد حلول تكتيكية جديدة بما أن طريقة لعبه السابقة أضحت مفتوحة و معروفة لدى الخصوم.
كما أن بلماضي مطالب بالاستقرار على تشكيلة معينة، وإيقاف مرحلة التجريب بما أن موعد الكان يقترب، ولم يعد الوقت كافيا لتغيير التشكيلة الأساسية، فهذا سيؤثر لا محالة على الانسجام فوق أرضية الميدان و لا يسمح بتكوين طريقة لعب معينة تكون ناجعة و مرضية.
عماد.ب