تتجه الأنظار هذا المساء إلى ملعب خليفة الدولي، حيث يقف منتخب الجزائر على بوابة مواجهة شديدة الحساسية أمام المنتخب البحريني، الملقب بـ الأحمر، في تمام الثانية والنصف ظهرًا بتوقيت الجزائر، في إطار الجولة الثانية من منافسات المجموعة الرابعة لكأس العرب 2025. مواجهة لا تشبه سواها في الوزن ولا في التوقيت؛ فكل تفصيل فيها قد يغيّر شكل المجموعة، وكل دقيقة تحمل احتمالًا جديدًا بين الانفراج والانهيار.
وتأتي هذه المباراة في وقت يشتد فيه ضغط المنافسة، خصوصًا بعد البداية الباهتة للخضر الذين خرجوا بنقطة يتيمة من اللقاء الأول رغم النقص العددي بعد طرد آدم وناس، وهو الغياب الذي يعمّق التحدي أمام المدرب مجيد بوقرة ويضعه أمام اختبار إدارة مباراة ثقيلة من دون أحد أبرز عناصره الهجومية. ومع ذلك، تسود داخل معسكر المنتخب رغبة واضحة في استعادة صورة البطل وإثبات أن تعثر البداية ليس سوى عثرة عابرة في طريق فريق يحمل في ذاكرته لقب نسخة 2021 ويؤمن بقدرته على تكرار الإنجاز.
وعلى الضفة الأخرى، يدخل الأحمر البحريني المواجهة بعيون لا تعرف سوى خيار التعويض. فالهزيمة أمام العراق في الجولة الافتتاحية تركت أثرًا قاسيًا على طموحاته، لكنها في الوقت ذاته أطلقت داخل الفريق شرارة الإصرار على العودة، خصوصًا مع امتلاك اللاعبين زخمًا معنويًا نابعًا من التتويج بكأس الخليج “خليجي 26” مطلع هذا العام. ويعتمد المدرب الكرواتي دراجان تالاييتش على هذا الإرث المعنوي ليحوّل الضغط إلى دافع، وليقدّم نسخة أكثر انضباطًا وقوة من فريقه الذي يدرك أن خسارة جديدة تعني نهاية شبه مؤكدة لرحلته العربية.
وتتجه كل المؤشرات نحو مباراة مشحونة تُلعب على حافة الأعصاب؛ فالجزائر تدخل بثقل التاريخ ورغبة بسط الهيمنة وإعادة التوازن، بينما يدخل الأحمر البحريني بثياب المقاتل الذي لا يملك ما يخسره لكنه يملك ما يمكن أن يصنع المفاجأة. وبين مطرقة البحث عن النقاط وسندان صراع البقاء، ستكون دقائق اللقاء مرآة صافية لصلابة الشخصية وقدرة الفريقين على تحمّل اللحظة التي لا تقبل التردد.
وفي ظل هذه التفاصيل المتشابكة، يصبح الملعب شاهدًا على واحدة من أكثر مواجهات المجموعة توترًا وإثارة، مواجهة قد تكتب سطرًا جديدًا في قصة البطل، أو تفتح بابًا غير متوقع أمام منتخب البحرين ليعيد تشكيل المشهد ويفرض نفسه شريكًا في السباق نحو الدور التالي. إنها مباراة لا تعترف بالخطأ، ولا تقبل سوى حضورٍ كاملٍ على المستويين النفسي والفني، حيث كلمة الفوز وحدها قادرة على منح أحد الطرفين قبلة الحياة.

