لم تتغير بعد ذهنية الرؤساء في تسييرهم لأنديتهم المفلسة سرا وعلانية.. لم يعد هناك ما يمكن إخفاؤه مادامت الخزائن فارغة وأدراج المكاتب تملؤها المراسلات الرياضية العديدة والمتعلقة بالنزاعات مع اللاعبين المدربين.
دون شك، فحوى كل شكوى لا تختلف عن الأخرى، في أسطرها محترمة وقراءة ما بينها “إما تخلّص أو.. تخلّص”، الاصطدام العنيف عادة في حلبات سباقات “الفورمولا وان” يكون نتيجة فقدان التوازن.
لم تعد الشركات الرياضية المزعومة تمتلك سوى الاسم، أغلبها ينطبق عليها مثل الأجداد “الاسم العالي والمربط الخالي”، لا ألقاب ولا استثمار ولا هم يحزنون، فحتى مهامها تغيرت من السعي والاجتهاد للحصول على موارد مالية تحفظ بها الوجه إلى انتظار إعانات الدولة والمحبين، أي على “باب الله”.
لم تأخذ بعض الأندية الناشطة في الرابطة المحترفة الأولى لكرة القدم، الدرس ولم تعتبر بالرغم من أن العِبر دائما تأخذ من الخواتيم ولا يلدغ المرء من جحره مرتين، وإن تم ذلك فإنه لم يجانب الغباء كثيرا.
لم يتعلم رؤساء النوادي وملاكها بالأسهم أو بالاسم فقط من الجري صيفا وشتاء داخل أروقة المحاكم الرياضة ودق الأبواب، التي كانت ستوصد من تلقاء نفسها في وجه المسؤولين، جرّاء كثرة الذهاب والإياب إلى الهيئات الكروية، قد أكون ظالما لهم لو فكرت مكانهم بمنطق “كيما جات تجي ومنيش غير أنا”.
خلال حدوث النزاعات، يشتغل العقل لإنقاذ ما يمكن إنقاذه، بالتقسيط الممل أو بواسطة الصكوك أو حتى نقدا لو اقتضى الأمر قبل ضربة الانطلاقة، لكن المنطق سرعان ما يستسلم إلى أن الأمر بات جزءا لا يتجزأ ولن يتجزأ من ورقة طريق الفرق” طبعا إن كانت لديها ورقة طريق أصلا”، تحضيرا لعام كروي توضع فيه الأيادي على القلب والرأس.
ولأن الأمر لا يقتصر فقط على أندية المحترف الأول ولا الثاني وليس على سبيل الحصر، تسارع بعض الأندية إلى سوق التحويلات الصيفية في وقت مبكر، كما يفعل تجار الجملة للخضر والفواكه والملابس و”بزناسة السيارات”، من أجل الظفر بأفضل العناصر الموجودة هنا في الجزائر أو خارجها، ربما عملا “نضرب الحديد وهو سخون”، تصوّر في غير موقعه، لأنها تحتاج إلى حكيم يخبر هؤلاء المسيرين إلى أن “الصوف يتباع بالرزانة”، ففي التأني السلامة وفي العجلة الندامة.
ليس خطأ أو عيبا، بل هو حق شرعي تكفله الرياضة، لكن كذلك، ليس بـ”والو” تبني فريق وتتسابق إلى تعزيز الصفوف التي تظهر “الأوركسترا فيها” خلال التحضير، لكن ما هي إلا جولات قليلة حتى يحكم عليها وعلى قائدها بالفشل والهشاشة، وهي بحاجة إلى نفس جديد وصيانة بالعملة المحلية أو الأجنبية أو رحلة لشحن البطاريات، لا يهم كثيرا ما يحتويه “الشاك” الخاص بالترقيع والتجديد من أرقام ولغة، بقدر من يهم إنقاذ الرأس والظهور بثوب الضحية التي تكّد ولا تملّ بدافع حب الألوان.
ما يزيد عن 25 صفقة كروية تمت في المحترف الأول، فرق حسمت الأمر باكرا، وشرعت في التحضيرات معتمدة على مقولة “تسوّق بكري وتروح بكري”.. أما البعض الآخر، فلم يعرف “ساسه من راسه”، ولا يزال ينتظر الفرج، فلربما تتحسن الأوضاع المالية، في وقت لم تكترث فيه البقية للوضعية التي تتواجد عليها ضاربة قوانين ولوائح الاتحاد الجزائري لكرة القدم بما يخص عملية الاستقدامات عرض الحائط.
ولأن التكرار يولد صورة واحدة، سيكون مصير المشهد الخاص بالفرق المطالبة بتسوية وضعياتها، أشبه بالمحامي الذي يرتدي جبته الموقرة وفي يديه ملف وهو يحاول الالتحاق بالقضية قبل إصدار الحكم، يبدو أن تدخلا من أعلى السلطات بات أمرا حتميا.
لا أعرف إذا ما كان يُفعل بالكرة الجزائرية عنوة هو محاولة إفلاس مع سبق الإصرار والترصد، أم قدر ولا للخيار نصيب، لكنه في الواقع إصرار على السير في طريق خاطئة وترصد للفرصة التي يظهر فيها المسؤول بأنه الضحية.
نقلا عن جريدة الخبر